نِدَاء الصَّلَاة بِتوْقِيتِ السَّاعات

نِدَاء الصَّلَاة بِتوْقِيتِ السَّاعات
عمل لعامر جاسمْ
القراءة الفنية / د خليل الطيار
لا يكفي أنْ تدعَ عدستكَ تفتحُ حدقتها لتسجلَ لكَ الأشياءُ كيفما تكونَ في الواقعِ ، وانْ كانَ ما تسجلهُ لكَ قدْ يكونُ جميلاً ومدهشا بعفويةِ الالتقاطِ … لكنَ ذلكَ لا يحققُ لكَ صورةٌ جماليةٌ بلْ يحققُ توثيقا جميلاً للواقعِ …
لكنَ اهتمامكَ بالكيفيةِ التي تنفتحُ بها عدستكَ ولماذا أساسا تكونُ مضطرا لفتحها ، وعلى ماذا، وكيفَ تدعها تنفتحُ ، هوَ ما ينبغي أنْ يتحكمَ بمهمتكَ كمصور مبدعٍ يريدُ أنْ ينتجَ صورةً لا أنْ يوثقَ حدثا.
“عامر جاسمْ” أكادَ أجزمُ ، لا يتركُ عدستهُ تنفتحُ عفويا على الأشياءِ مهما كانتْ بسيطةً أوْ معمقةٍ بلْ يتركُ لعينهِ المبصرةِ تذهبُ هناكَ في مساحاتِ الأشياءِ غيرِ المنظورةِ وغيرِ المرئيةِ لعدستهِ يتفحصها أولاً ويتعمق بخباياها ويدرسُ خامةَ مادتهِ ويفتشُ عنْ علاقاتها الجماليةِ لونيا وتكوينا ليعثرَ عنْ قيمةٍ تحددُ لهُ نقطةُ الشروعِ لإنتاجِ صورةٍ ذاتِ مضمونٍ يتركُ أثرا سرديا فاعلاً .
حركةُ هذا الكهلِ المنهمكِ بقوةٍ في مهنتهِ ليفرضَ سطوتهُ على تعديلِ خللٍ ضبطِ الوقتِ لساعةِ تعطلِ دورانها ولمْ يعدْ بمقدورهِ أنْ يدعها تغييرُ منْ حركتها ليموتَ هوَ عندَ موتها ! فوجدناهُ يصرّ على السيطرةِ على عقاربها وينحني بقسوة ليجبرها على الدورانِ الطبيعيِ لتضبطَ إيقاعَ حياتهِ اليوميةِ وتكونُ سببا لديمومةِ عيشهِ … رغمَ أنهُ تركَ خلفهُ عصاهُ يتوكأُ عليها في المتبقي منْ عمرهِ . .
“عامر جاسمْ ” المصورِ الفاحصِ للأشياءِ بعنايةِ احسبْ لم تكفيهُ هذهِ المعادلةِ المهنيةِ لكيْ يكونَ مجبرا على الخوضِ في مهمةِ تركيبِ جماليةِ هذهِ الصورةِ وينشدُ لهذا الفعلِ الإنسانيِ الواقعيِ ويعملُ على تسجيلهِ فقطْ ، بلْ ذهبَ يفتشُ عنْ وشيجةٍ أخرى يتخذ منها علامة تشكلُ لهُ أثرا أكثرَ فاعليةً لهذا الفعلِ الإنساني، وسرعانَ ما عثرتْ عليها عينُ بصيرتهُ قبلَ عينِ عدستهُ، متمثلةً بتلكَ العلامةِ التي حملتها قطعةً كتب عليها ببدائية “إلى الصلاةِ ” !
منْ دونِ أنْ نعرفَ لمنْ وجه هذا النداء ولماذا رفعتْ في محلٍ تتشكلُ قيمةَ عنوانهِ على جدليةِ ضبطِ الوقتِ ! ؟
هلْ أرادَ “عامرٌ جاسمْ” أنْ يخاطبنا بلسانِ حالِ هذهِ المصلحْ الكهلِ الذي خبرِ الأزمنةِ وضبطها ليدفعنا إلى تركهِ ليقومَ بواجبهِ ويدعنا نذهبُ إلى الصلاةِ ! متذكرينَ قولهُ تعالى ( فإذا اطمأننتمْ فأقيموا الصلاة إنَ الصلاةَ كانتْ على المؤمنينَ كتابا موقوتا ) .
علامةٌ لا نجدُ لها أيُ انتظامٍ في سياقِ مفرداتِ الأشياءِ الموجودةِ في هذهِ الدكانة والتي تعتمدُ على مفردات بيعِ الساعاتِ وتصليح أنواعها، لكنها شكلتْ خيارا جماليا أنشدتْ إليهِ بصيرةُ “عامرٍ جاسمْ” لينطلقَ منها في تأسيسِ علاقةٍ شيئياتْ صورتهُ التي كثيرا ما يكونُ فيها إيقاعُ الألوانِ وانسجامها هيَ الضابطةُ الأساسيةُ التي ينجحُ بتوظيفِ توازناتها داخلَ صورتهِ بكفاءةٍ عاليةٍ .
وأحسبُ أنهُ في هذا العملِ أضافَ لنا مغزى آخرُ تجلى في عثورهِ على لوحةٍ سجلتْ علامةَ نجاحٍ وبوابةٍ لقراءةِ عملةِ المبهرِ .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.