كيف تقوم بموازنة اللون الأبيض مع إنارة الشوارع

إن إنارة الشوارع ليلاً هي العامل الأكثر تأثيراً على إحساسنا بالمكان، فانتشار الضوء، الظل والألوان يضفي تأثيراً ملحوظاً على المكان الذي يتم فيه التقاط الصورة. يمكن اعتبار إنارة الشوارع سلاح ذو حدين بالنسبة لأي مصور في الليل. الكثير من المصورين يتذمرون من أن الإنارة تقوم بالتأثير على ألوان الصورة بشكل سيء وهذا أمر صحيح. لكن المصور المحترف هو الذي يدرك الأنواع المختلفة لإنارة الشوارع وكيفية التكيف مع كل نوع منها بطريقة تجعل تلك الإنارة عاملاً إيجابياً في الصورة وليس العكس.

في هذا المقال ستتعرف على الأنواع الثلاثة الأكثر شيوعاً من إنارة الشوارع، كما أننا سنقدم لك مجموعة من التوصيات والتي ستساعدك في موازنة اللون الأبيض والحصول على أفضل النتائج. وسنقوم أيضاً بمناقشة كيفية التعامل مع ظروف الإضاءة المختلطة.

 

أسهل طريقة لضبط توازن اللون الأبيض:

 

يجب عليك أولاً التقاط الصور بصيغة RAW كما يجب عليك استخدام برامج تحرير الصور مثل أدوبي فوتوشوب لايت روم أو برنامج DxO Optics Pro (والذي تم استخدامه في الأمثلة هنا) وذلك من أجل موازنة اللون الأبيض بعد التقاط الصور باستخدام درجة الحرارة اللونية وشرائح اللون. لا ننصحك أبداً بالتقاط صور JPEG مع وضع توازن اللون الأبيض ضمن إعدادات الكاميرا لأن توازن اللون الأبيض في الليل يكون خادعاً في كثير من الأحيان. والسبب ببساطة هو أن ملفات JPEG تمنعك من استخدام كل الطرق التي تريدها لموازنة اللون الأبيض حيث تسمح لك بالقيام بتعديلات طفيفة فقط.

 

 

ثلاث نقاط أساسية يجب أن تتذكرها قبل أن تبدأ:

1. هناك اختلاف واضح بين أنواع مصابيح الإنارة. وحتى المصابيح التي تنتمي للنوع نفسه يمكن أن تختلف فيما بينها من حيث درجة اللون حيث يعود ذلك إلى اختلاف في التصنيع من ناحية الطلاء، الزجاج وغير ذلك.
2. إن عملية توازن اللون الأبيض هي أمر فني بحت بمعنى أنه ليس هناك رأي صحيح أو خاطئ بالمطلق فيما يتعلق بتلك العملية. وبالتالي فإن التوصيات والإرشادات التي يتم تقديمها هي مجرد اقتراحات عامة لا تعدو كونها توجيهات أو أمثلة عن الإمكانات الممكن تطبيقها للقيام بموازنة اللون الأبيض.
3. يستند هذا المقال إلى افتراض أساسي فيما يتعلق بتوازن اللون الأبيض وهو: يجب أن تعلم على الأقل بأن توازن اللون الأبيض يتألف من بعدين – درجة الحرارة اللونية وشرائح اللون (انظر الصورة أعلاه).

[divider]أضواء الصوديوم عالية الضغط (HPS)[/divider]

إن الكفاءة العالية التي يتمتع بها هذا النوع من الإنارة يجعله النوع الأكثر شيوعاً اليوم، حيث يتميز بتوهج أصفر أو برتقالي قوي. وفي بعض الحالات يكون هذا النوع غير مرغوباً من قبل المصورين في حال كان هو مصدر الضوء الوحيد في مكان التقاط الصورة. وما يزيد الأمر تعقيداً هو أن التوازن الآلي للون الأبيض (AWB) يعاني في معظم الكاميرات من مشاكل تتمثل بعدم مكافئتها لمصابيح بخار الصوديوم. في هذين المشهدين، كانت درجة الحرارة اللونية التي تم اختيارها عالية جداً (k) حيث أعطت الصورة توهجاً قوياً للونين الأصفر والبرتقالي.

 

يمكن جعل الصور أكثر توازناً وأن تعطي انطباعاً بمزيد من البهجة وذلك عن طريق تخفيض درجة الحرارة اللونية بشكل كبير حيث يتم ذلك دون الإضرار بالشعور بالدفء والتوهج في الصورة. كن حذراً من تخفيض درجة الحرارة اللونية بشكل مفرط، فالاستخدام المفرط لها قد يؤدي لجعل الأشياء تبدو باردة وزرقاء اللون بشكل غير طبيعي. يمكنك أن ترى أن الثلج الذي يغطي أسطح المنازل في الصورة التالية يبدو أكثر قرباً من الواقع.

 

[divider]أضواء هاليد المعدنية[/divider]

إن هذا النوع من الإنارة مع النوع السابق يشكلان أكثر تقنيات الإنارة استخداماً في أيامنا هذه. على الرغم من أن مصابيح هاليد المعدنية لا تقدم الجودة والفعالية ذاتها التي تقدمها مصابيح HPS، إلا أن الضوء الذي يصدر عنها يتميز بكونه أكثر نقاءً وبياضاً. وبما أن الضوء الذي تصدره مصابيح هاليد المعدنية يبدو طبيعياً أكثر من الضوء الذي تصدره مصابيح HPS، فإن الكاميرات لا تقوم بتعديل الكثير في حالة التوازن الآلي اللون الأبيض في حال كانت المصابيح المستخدمة هي مصابيح هاليد المعدنية.

ومع ذلك فإن القيام بتعديل طفيف لتوازن اللون الأبيض يمكن أن يؤدي إلى تحسن ملحوظ في الصورة. في هذه الأمثلة، كان توازن اللون الأبيض مستخدماً للتخلص من اللون الأخضر الطفيف وغير المرغوب به في الصورة الأولى، واللون الأرجواني الطفيف في الصورة الثانية.

[divider]أضواء بخار الزئبق[/divider]

يعتبر هذا النوع من الأضواء تقنية قديمة نسبياً مقارنة مع النوعين السابقين وبالتالي فإن استخدامه يكاد ينعدم تدريجياً. وتصدر مصابيح بخار الزئبق ضوء بارد اللون كما تتميز بالتوهج ذو اللون الأخضر أو الأزرق. هناك مصابيح أكثر حداثة من بخار الزئبق وهي التي تقوم بتصحيح اللون باستخدام الطلاء الزجاجي كما تقوم أيضاً بالتخلص من حالة عدم توازن اللون. ويمكن تمييز هذه المصابيح عن طريق الهالة الزرقاء الباهتة التي تحيط بالمصباح الضوء. عادة ما يقوم اللون الأخضر القوي الذي تصدره مصابيح بخار الزئبق بعرقلة استخدام الكاميرات في توازن اللون الأبيض. في المثال التالي نرى صورة دافئة جداً (درجة الحرارة اللونية مرتفعة جداً)، لكن اللون الأخضر قد ترك أثراً سيئاً في الصورة

 

 

إن ضوء بخار الزئبق النقي قوي جداً لدرجة أنه لا يمكن تصحيحه باستخدام توازن اللون الأبيض فقط: وكاميرا نيكون D610 تراعي ذلك حيث تقوم بموازنة اللون الأبيض تلقائياً. لذلك، ومن أجل تحييد اللون الأخضر هذا، فإنه يجب استخدام المزيد من التعديلات المتقدمة مثل صفاء اللون الانتقائي (الذي يتيح لك ضبط صفاء اللون، أو التلون الخاص بالألوان الفردية). ويوجد صفاء اللون الانتقائي تحت علامة التبويب HSL في برنامج لايت روم برنامج DxO Optics Pro.

 

 

[divider]الإضاءة المختلطة[/divider]

في الحقيقة أننا نادراً ما نرى نوعاً واحداً فقط من الإنارة ضمن المكان الواحد. فالمدن هي أشبه بأماكن فوضوية تعج بكافة أشكال الإنارة التي تتغير باستمرار مع مرور الوقت. قد تقوم وزارة النقل بتثبيت مصابيح الصوديوم عالية الضغط لتوفير الطاقة، ولكن الشركات التجارية قد تختار استخدام مصابيح هاليد المعدنية في أماكن عملها لأن مظهرها لائق أكثر، كما يمكن أن تكون المصابيح المستخدمة في مرآب السيارات هي مصابيح بخار الزئبق. بالإضافة إلى أن الإضاءة LED أصبحت أرخص وأكثر شعبية والتي ستدخل كنوع آخر ضمن هذا المزيج.

 

يجب على المصورين في الحالات المعقدة استخدام موهبتهم الإبداعية لتحديد كيفية موازنة اللون الأبيض بطريقة ملائمة لكافة أنواع الإنارة ضمن المشهد ككل. وللقيام بذلك، اسأل نفسك عن الجزء الأهم من الصورة، وقم بترتيب الأجزاء حسب أهميتها بشكل تراتبي. لكن الأهم من ذلك هو أن تقوم بتجربة مجموعة متنوعة من قيم موازنة اللون الأبيض حتى تكون على استعداد لاستخدام إعدادات مختلفة وغير تقليدية لم تقم باستخدامها من قبل. يمكنك أن تقوم في بعض الأحيان باختيار تطبيق توازن دقيق بين الأنواع المختلفة للإضاءة، كما في المثال أعلاه، ولكن وفي أحيان أخرى، فإنه من الأفضل أن تقوم بموازنة اللون الأبيض ضمن جزء واحد فقط من الصورة وتدع التعديلات الأخرى لتتم بشكل تلقائي كما في المثال الثاني. في تلك الصورة، تم تعديل توازن اللون الأبيض في إضاءة الممر بطريقة تساعد في التركيز على مجموعة من الناس، أما الإضاءة الخضراء والتي تعود لبخار الزئبق فقد تم تعديلها تلقائياً فقط حيث أضفت بعض الآثار والتوهج غير المقبول على الصورة.

 

لمعرفة المزيد عن إنارة الشوارع (وخاصة التفاصيل التقنية الخاصة بالضوء) قم بزيارة صفحة ويكيبيديا الخاصة بتاريخ إنارة الشوارع في الولايات المتحدة.

نبذة عن الكاتب: أليكس تشو هو مصور وكاتب في موقع Shutters In the Night، وهو موقع مختص بعرض لقطات التصوير الليلية من جميع أنحاء العالم. للمزيد من المحتوى المشابه، قم بزيارة موقع SITN أو قم بمتابعة SITN على موقعي فيسبوك وتويتر. تم نشر هذه المقالة هنا أيضاً.